المتهجول الصغير
الجمعة، 26 ديسمبر 2008
جلست بجانب أخي الذي يبلغ من العمر أربع سنوات تقريباً ، وقرصت خدوده مع قزقزة من أسناني ، وقلت له: من أين اشتريت هذه الخدود ؟؟ أريدها ..
قال : لا توجد خدود مقصقصة !
تفاجأت بالرد ! والفكرة من الرد ( بصراحة تخيلت قطع لحم مجمد )
قلت له : يعني ما تنباع الخدود وحد ؟ لازم ناخذ الوجه كله ؟
قال: ماكو رؤوس مقطعة ؟؟ شنو يعني أقص راسي حتى تاخذيه !!
لم استطع إكمال الكلام .. غريبة هذه الألفاظ من هذا الطفل الصغير .. بل هي مرعبة ! لو تخيلناها حقاً ..
ترى هل تغير الزمن أم نحن الذين تغيرنا ؟؟ كيف ولماذا يفكر طفل صغير بأفكار كهذه ؟؟
هل للأخبار والمناظر على التلفاز دخل في هذا ؟؟
**************
نظر إلى السيدي وأمسكه بكلتا يديه ، فنهرته قائلة : لا مو هيجي ينمسك .. اتركه ، بعدين يخرب ..
- ليش هوه يتأذى ؟
- إي يتأذى ( قصدي يخرب )
- بس هوه ما عنده لسان ، شوفي ، هذا خشمه ( على الفتحة بالنص) ، وهذي خدوده ( على الكتابة على الجانبين ) ، بس ما عنده حلك حتى يحجي !
آني هنا صفنت ..
- إنت بس خليه ولا تمسكه ، ترا بعدين يتأذى ويبطل يحجي
- شلوووون يحجي وهوه ما عنده حلك ؟
- يحجي وية الكومبيوتر بلغة خاصة
- هاااااااااااااااا بس شلون هم لازم عنده حلك !
تذكرت حسومي من مدونة خاتون !
**************
يمشي برهومي ورا ماما في مسيرة شبيهة جداً بالبطة وصيصانها ، وهو – برهومي – يصرخ ويعوي ، فأوقفت هذه المسيرة الحثيثة ومسكت برهومي وقلت له :
- شتريد ؟ شبيك تبجي ؟؟
فأجابني بمجموعة من الكلمات الملغمطة بسبب اختلاطها بالصراخ ، فقلت له:
- إذا ما تسكت وتحجي مثل الأوادم ما أقدر أفتهم عليك .
بقال بعياط : أريد الجيمبوي !
انفرجت عيناي بشدة ! وهذا شمدريه بالجيم بوي ؟؟
فسألته :
- شنوووووووووووووو ؟؟؟ وشنية الجيم بوي ؟
قال :
- متعرفيها ؟؟ هاية لعبة مستطيلية ، بيها بباي وسيارات وينط بباي ويقتلهم .
نظرت لوالدتي التي هزت رأسها وقالت :
- وحدة اليوم جابتلهياه هدية ، والأولاد عدهم دراسة ، ومن أنطيهياه يلعبون وياه ، لذلك ضميتها .
شرحت لبرهومي الموضوع ووعدته أنه ماما راح تنطيهياه باجر، ويبدو إني جنت مقنعة لأنه سكت .
في اليوم التالي :
دخلت البيت لأجده ماسك بالجيم بوي ، قعدت يمه :
- اشرح لي شلون تعلب بيها .
بدون ما يرفع عينه :
- آني مشغول هسه بعدين أقولج شلون ، بعدين إنتي أصلاً كبيرة ، شلون تلعبين بلعبة مال أولاد ؟؟
- هسه انت معليك آني أريد ألعب ، علمني .
- شوفي ، تفتحين هاية هيجي ، وبعدين ادوسين ( إستارت ) .
آني هنا طلعت لي شخوط زرق مثل الكارتونات اليابانية ، ونزلت دمعة يم وجهي .
- شنو يابه ؟ أدوس شنو ؟
- إستارت إستارت .. شنو متعرفيها ؟؟ شكد عيب !
- زين وبعدين ، دسنا ستارت بعدين ؟؟
- بعدين ادوسين على بباي ، وبعدين تمشين وتنطين تنطين ، وتجمعين الأكل ، ( كان يطبق وهوه يشوفني ) ، وبعدين .. يبووووووووووووو فتنا بالباص ، شوفي تطلعين من الباص من هنا ، وتمشين من هنا ، وهيجي تخلص المرحلة الأولى .
عدّل كعدته وقال :
- روحي هسه ، عود من أخلص المرحلة الثالثة أصيحج تلعبين !
بصراحة بقت الشخوط والدمعة ، وبقيت أفكر ، شلون آني لمن جنت صغيرة جنت أقصى ألعابي أنه أجمع الهدوم النظيفة وأحطها بالإنجانة ، وأغسلها بدون ماي ، وبعدين أشرها على القنفات ، ثم أكويها بمكواتي البلاستيكية وأصفطها !
سبحان الله شلون الدنيا اطورت ، وكام هذا المجعوص يعرف الجيم بوي والإستارت ! عشتوا !
**************
في بيتنا لا يغلق الكومبيوتر ، فلمن أحد يريد يقوم يصيح إذا أكو احد يريده ، وطبعاً هوه أكو دور ، وأكو عراكات ، هذا رغم وجود 3 لاب توب !
(هسه عبالكم مثقفين هههههههههههههه يعني هوه ناس تسوي بحوث ، ناس تحجي وية العراق ، ناس تغش إجابات من النت ، وناس تلعب )
قمت أنا وقمت بالإعلان فإذا ببرهومي يقول :
- آني أريد أقعد .
- ليش شتريد ؟
- أريد أطبع .
- شتطبع ؟
- تؤ .. إنتي معليج .. شغل شغل .. يعني شنو ؟؟
- ها ! تفضل عيني .
وصعد على الكرسي بمشقة ، واستلم مقعد القيادة ، وحط إيده على الماوس ، وشلون ديتصرف بأهمية بحيث حسيت أنه راح ينطلق الصاروخ ، بقة شوية يجقجق منا لهنا .. وآني أراقب ، ثم اندار عليه وقال :
- أسوي شت داون ؟؟
- نعم يا خوية !! وشنو يعني شت داون ؟؟
بكل الامتعاض على وجهه :
- تؤ .. شنو يعني ؟ متعرفين ؟ يعني أسد الكوميوتر .
فعاد آني مثل الطالبة المجتهدة :
- هااااااا ، والله ؟؟ زين شلون ؟
- شوفي ، اتروحين هنانة على الأخضر ، وادوسين ...
طبعاً وآني قاعدة أراقبه وشلون ديحاول يتحكم بالماوس ، تحسرت على طفولتي اللي ضاعت وآني فرحانة أدوس على الريموت مالت التلفزيون ، بينما أطفال اليوم ممكن يطلقون صواريخ ويعرفون يمسكون الماوس والأنكى من ذلك يسوون شت داون !
هوه بالحقيقة أقوللكم ما عرف يسووي شت داون ، بس يعني تقريباً عنده الخطوط العريضة ، باجر عقبه يعلمني أسوي برنامج ، آني اللي دارسة تخصص برمجة ! والله الواحد ميدري !
**************
برهومي في بيت خالي على الغدا ، طابخين مرقة ، بس برهومي ميحب المرق ، لمن صاحته ماما على الغدا ، وصبوا له الجماعة صحن تمن ، ماما عرضت عليه تصبله مرقة ، فإذا به يقول :
- أو ماي جاد ( oh my god ) مرقة !!
مما أدى إلى نزول الشخوط الزرقة والدموع بكثرة !
- ها يابة ؟ شنو المشكلة ؟ إي مرقة .
- مو آني ما أحب المرقة.
- زين لا تاكل .
- شانكيو ! ( وهي تحوير لكلمة ثانكيو )
المزيد من الشخوط الزرقاء .
- حبيبي هاي من وين دتجيب هالسوالف ؟؟
برهومي بكل جدية :
- هذولة بالتلفزيون هيجي يقولون !
صرخت من يمي :
- غزو فكري .. احتلال .. تدمير لعقول الأطفال !!
بس سؤال .. هل أنا ممن يلقون باللوم دائماً على نظرية المؤامرة ؟ ولا هوه صدق أكو مؤامرة ؟؟